الحبيب الأسود

إطلالة العيد

وكالة أنباء حضرموت

العيد، كما هو معلوم مناسبة مهمة للبهجة والفرح والسعادة والمرح، ولكنه قد يحيي في النفوس أشجانها وأحزانها، وقد يثير فيها الشوق للأحبة الراحلين والأعزة الغائبين، وقد يفسح في زوايا القلب مساحة للشكوى والعتاب ولوم الأحباب، والتعجب من تبدل الأوقات والحالات والأدوار.

ولعل من أجمل ما قيل في وصف العيد، ماورد على لسان ابن الرومي “ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله\ تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ\ كحاجـبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه\ يشيرُ لنا بالرمـز للأكْـلِ والشُّـرْبِ” ، وها هو ابن المعتز يقول “أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه، فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ\ وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ\ قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ”.

وقد هنأ الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي صديقه الأمير سيف الدولة الحمداني بالعيد فقال “هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده\ وعيد لكل من ضحى وعيدا\ ولازالت الأعياد لبسك بعده\ تسلم مخروقاً وتعطي مجددا\ فذا اليوم في الأيام مثلك في الورى\ كما كنت فيهم أوحداً كان أوحدا\ هو الجد حتى تفضل العين أختها، وحتى يكون اليوم لليوم سيدا “.

وفي سياق معاكس، وصف المتنبي العيد من زاوية المهموم المأزوم بعد تردي حالته في مصر أيام خصامه مع كافور الإخشيدي فقال في داليته الشهيرة “عيـدٌ بأيّـةِ حـالٍ جِئْـتَ يا عيـدُ\ بما مضـى أم بأمْـرٍ فيكَ تجديـدُ\ أمّـا الأحِبـة فالبيـداءُ دونَـهــم\ فليـت دونـك بيـداً دونهـم بيـدُ”، ولا تزال تلك الأبيات تجدد نفسها مع كل عيد نظرا لطبيعة الأوضاع التي يمر بها الإنسان العربي في بيئته وظروفه وواقعه الصعب بعد أن أصبحت الأزمات والمشاكل تستنسخ بعضها من بعضها.

ولا يمكن المرور على خانة الشكوى، دون التوقف عند أبيات ثالث وآخر ملوك بني عبَّاد في الأندلس، المعتمد بن عباد بعد زوال ملكه، التي قالها من محبسه في أغمات بالقرب من مراكش،  وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد “فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا\ وكان عيدك باللّذات معمورا\ وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ\ فساءك العيد في أغمات مأسورا \ ترى بناتك في الأطمار جائعةً \ في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا\ أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه\ ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا\ وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَـجٌ\ فعاد فطرك للأكبــاد تفطيرا”.

جعل الله عيدكم عيد بهجة وسرور وأعاده عليكم بالهناء والحبور .