أحمد الحسني
عزيز العراق.. تأريخ يتحدث بين ماض ثر وحاضر غر
رفع منسوب الكرامة، صوت هو ألأعلى وفكر هو ألأقدر، تفوق على كل الظروف، فخلق واقعاً أعاد للذاكرة حضارة وهوية أمة، ذراع أمتد ليحمي الثوابت، ومحراب صلاة ليؤم المبادئ، وقلب ينبض بالثقة، أحسن قراءة الماضي وأستوعبه، وأجاد درس الحاضر فأتقنه، سلوك وخطى وأهداف، فكان قيمة تأريخية تتحدث.
عزيز العراق، سيرة زاهرة، ومسيرة زاخرة، ومواقف نادرة، قائد رفض التسلق والتسلل، إلا في الميدان والمباغتة، أتخذ القرار في وقت تردد فيه الجميع، فجعل من الصعاب خطوات الى النجاح.
مصل من دماء طاهرة حين لحظة ضعف وسكون، أسقط تقنية السلاح أمام تقنيات الرجولة، وصوت تنقل في المحافل، فعلا رافضا طمس الحقيقة أمام دكتاتور لم تحكم أو تحد من جرائمه أي حدود منطقية أو أخلاقية، فأنتزع من الطاغية زمام المبادرة، فكانت المواجهة منه ولادة من رحم الماضي، بالرغم من محاولات أخفاء صوت رصاصته.
في ظروف قاسية ووسطٍ دولي مضطرب وآخر سياسي معقد ممن شطح بعيدا عن ديمومة المواجهة، أراد صناعة تأريخ من وهم، فإنعدمت لديه المواقف، وعاد ببضاعة من الخيبة ويدين خاليتي الوفاض، فالمواقف لا تصنعها الأقلام، وأمام التأريخ أبتلعوا السنتهم، فتبسمت أسنانهم، وأسودت قلوبهم غلا وحسدا، فكانوا بين متلعثم ينتمي الى عالم من الدجل، التحف الذل فجبينه جاف بلا كرامة، وفوج بناة سدود من الباطل لمواجهة طوفان من الحق.
إختاروا مشوار مجهول بلا جدوى، وخسروا الجهد والمحصول بلامعرفة، وتنكروا لموعظة الرفيق والصديق، وأستغنوا عن زاد الروح وضاعوا بين تعدد الطموح، وتعلقوا بحلم ليس لهم، فكان زرعهم بلا ثمر، خيّم علّيهم اليأس وجعلوا صفحات التأريخ خلف ظهورهم، وخابت آمالهم الخداعة فحجبت النور عن عيونهم، ينتقلون من مرحلة دماء متجانسة الى إنشطار مضعف، ومن صفوف متراصة متماسكة الى تشضيٍ محزن، بعد ماغادروا الجذور والساق والفرع، وباتوا يتكؤون على جدران صامتة مشيدة بالفشل.
يحاكون ألإنزواء بالخداع، ثم يغوصون بمياه آسنة من ركود سياسي أنتهى بهم الى موت الضمير، فطمسوا بوقاحة علنية في محاولات لإلغاء التأريخ، أرتضوا الغفلة عند الصحوة، والولوج في السكرة، والغياب عند الإستغاثة، في أخس مثلٍ للتعبير عن مابهم من ضمور وطني ورمد بصر سياسي، فكان شق الصف قمة تعبير تراجيدي عن عوقهم الفكري، وهي أزمة ترجع جذورها الى معضلة أخلاقية ووطنية فيهم مزمنة منذ أطلاق أول رصاصة وفي أول مواجهة وعند أول مثابة كان أبطالها أبنائك سيدي.
إنه التأريخ الذي خطته سواعدكم سيدي، فأصدقه فيض دمائكم ومن لحق في ألأثر من سنخ دمائكم، حري على الجماهير قراءة فصولها والوقوف على عمق مفاصلها، لما تمثله من ماض ثر وحاضر غر.