حسين عابديني
نار هادئة ولکنها حارقة
لئن کانت هناك العديد من الملفات والمواضيع التي تثير سخط النظام الايراني عند التصدي لها على الصعيد الدولي، لکنه مع ذلك أبدى ويبدي غضبه وإنزعاجه بصورة ملفتة للنظر من إثارة ملفي البرنامج النووي وحقوق الانسان، ولاسيما عندما يجري فضح نواياه بخصوص البرنامج النووي وکذلك يتم تسليط الضوء على إنتهاکاته في مجال حقوق الانسان وعدم إلتزامه ورعايته لأبسط الموازين والمعايير المتعلقة بحقوق الانسان.
لکن فيما يتعلق بإثارة هذين الملفين، ثمة ملاحظة مهمة لابد من أخذها بعين الاعتبار، وهي إنه وبقدر ما يهم النظام ويثيره تناول هذين الملفين وتسليط الضوء عليهما، فإن الذي يثيره ويغضبه أکثر هو أن الطرف والجهة السياسية التي عملت وتعمل على إثارتهما بشکل خاص کانت ولا تزال المعارضة الإيرانية، وعلى الرغم من أن النظام الايراني قد حرص دائمًا على بذل کل ما بوسعه من أجل دحض وتفنيد ما طرحته وتطرحه المعارضة من معلومات تدين النظام الايراني وتکشف عن ممارسته، لکنه مع ذلك لا يتمکن من إقناع الاوساط الدولية والحقوقية بذلك أمام قوة مصداقية تلك المعلومات ودقتها وهو الأمر الذي يعطي مصداقية وقوة إعتبارية للمنظمة وقطعٍا فإن مربط الفرس هنا، إذ أن النظام عمل ويعمل دائما على تهميش دور هذه المنظمة وسحب بساط الثقة الدولية من تحتها. مشکلة النظام الايراني تتعاظم وتزداد عمقًا والضغط الذي باتت تسلطه الأوساط البرلمانية والحقوقية الدولية المختلفة لم يعد کالسابق کما قد يتصور البعض، ولاسيما وإنه يتزامن مع مرحلة بالغة الحساسية والخطورة التي يمر بها النظام، فإن صدور بيان مشترك لأكثر من 500 برلماني ألماني دعما لانتفاضة الشعب الإيراني من أجل جمهورية ديمقراطية.
الملفت للنظر هنا، إنه وفي الوقت الذي يريد فيه النظام الايراني التغطية والتستر على ما قد إرتکبه من جرائم وإنتهاکات بحق الشعب الايراني أثناء الانتفاضة الوطنية الاخيرة في 16 سبتمبر2022، جاء إستذکار المشترك للبرلمانيين الألمان، أكثر من 750 شهيدا من شهداء الانتفاضة الوطنية في إيران، وأوضح الإيرانيون بشعاراتهم أنهم يرفضون كل أشكال الدكتاتورية، وبالطبع فإن إثارة هکذا مواضيع وأمور مهمة في وقت يزداد ويتعاظم فيه الرفض الشعبي ضد النظام خصوصا وإنه يأتي أيضا بعد سلسلة من بيانات مشابهة صادرة من جانب برلمانات دولية أخرى، ما يمکن وصفه بمثابة نار هادئة جدا ولکنها ومع مرور الزمان تصبح حارقة جدًا!