ضياء قدور
الاحتلال الإيراني والهيمنة على المجتمع السوري وسبل المقاومة
أطلق شبان وناشطون سوريون حملة تحت هاشتاغ #الاحتلال_الإيراني_في_سوريا الذي يسيطر على أجزاء واسعة من الأراضي السورية ويقوم بعمليات تغيير ديمغرافي واسعة باستخدام أدوات ثقافية وعسكرية وأمنية واقتصادية.
وحول هذا الموضوع بالتحديد، عقدت ندوة حوارية في مساحة على التويتر، شارك فيها نخبة من الإعلاميين والباحثين السوريين، بما في ذلك، الاستاذ عبد الرحمن الحاج، الباحث والمختص في شؤون الحركات الدينية، والكاتب والباحث المختص في الشأن الإيراني، ضياء قدور، والكاتب والصحفي السوري المختص في الشأن الإيراني، عمار جلو.
وحول أهمية الحملات الإعلامية السورية المناهضة للاحتلال الإيراني، يقول الكاتب والصحفي عمار جلو، أن هذه الحملات لا تقل أهمية عن أي ضربات عسكرية أو أمنية للوجود العسكري الإيراني في سوريا.
ويؤكد السيد جلو أن العمل العسكري قد لا يحسم دائماً أي معركة لأن الاحتلال الإيراني يمتلك، إلى جانب الأدوات العسكرية، أدوات إيديولوجية وثقافية واقتصادية متنوعة.
ويعتقد السيد جلو أن إيران لم تستطع حتى الآن الوصول لأهدافها لأن الساحة السورية ما تزال مفتوحة على احتمالات واسعة، وأشبه بالرمال المتحركة.
ويرى جلو أن وجود إيران خارج الأطر الهيكلية الحكومية يحقق لإيران أهداف مشروعها بعيد المدى في سوريا.
وحول وجود مخطط دولي لإخراج إيران من سوريا، لا يعتقد السيد ضياء قدور، كاتب وباحث مختص في الشأن الإيراني، بوجود مؤشرات واضحة على وجود نية دولية لإخراج إيران من سوريا، منوهاً إلى النهج الإسرائيلي في سوريا لا يهدف لإخراج إيران من سوريا، بقدر ما يهدف للقضاء على العناصر الحساسة التي قد تشكل تهديد على الأمن القومي الإسرائيلي.
وأوضح قدور أن التدخل الإيراني السافر بمليشياته ومعداته القمعية بدأ في سوريا منذ اليوم الأول لانطلاقة الثورة السورية، حيث لم يكن هناك أي فصيل عسكري مسلح.
وأشار السيد ضياء قدور إلى أن التوتر الأمريكي الإيراني شرقي سوريا يمر بصعود هبوط خلال السنوات الماضية، منوهاً إلى أن هذا التوتر لم ينزلق خارج الأطر المضبوطة خلال السنوات الثلاث الماضية على الأقل.
وشدد قدور على أن ما يحدث شرقي سوريا من توترات إيرانية أمريكية هو انعكاس لمناقشات ومفاوضات تجري بعيداً عن الملف السوري، ويتم تفريغها في الميدان السوري، الذي بات اليوم يشبه إلى حد بعيد ساحة تفريغ توتر مضبوطة، بحسب وصفه.
وبين قدور أن جميع الدول المتدخلة على الأرض السوري ترغب بإخراج إيران من سوريا أو الحد من نفوذها للمستوى الأدنى، لكن عملياً لا توجد مؤشرات عن وجود مخطط دولي متعدد الأطراف لطرد إيران من سوريا.
ويرى قدور أن الحل الحقيقي لطرد الاحتلال الإيراني يكمن في المقاومة الشعبية لهذا الوجود بكافة أشكالها وأنواعها، منوهاً إلى أت الساحة السورية غير المستقرة والمتقلبة توفر اليوم جميع الظروف المواتية لبدء مثل هذا المشروع.
وأوضح قدور أن الشعب السوري على يقين من أن الخطر الأكبر والأعظم يأتي نظام الملالي، وهذا موضع يتفق عليه الجميع.
ويؤكد السيد قدور على أهمية حملات التوعية الإعلامية والثقافية من الخطر الإيراني انطلاقاً من مبدأ أن مواجهة هذا المشروع الخبيث يجب أن تبدأ من المحددات الثقافية بالدرجة الأولى.
بحسب التصريحات الرسمية الإيرانية، جندت إيران أكثر من 70 ألف مقاتل مرتزق يقاتل تحت لواءها في سوريا، لكن السيد قدور يعتقد أن هذا الرقم مبالغ فيه، انطلاقاً من أن كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني الفاسدين يحبون دائماً المبالغة والتضخيم في منتجاتهم العسكرية.
وأشار قدور، إلى أكبر عملية حشد عسكري إيران جرت في سوريا في عام 2016 خلال معركة حلب الكبرى، منوهاً أن هذه المعركة وصلت لدرجة من الخطورة دفعت إيران لاستقدام ضباط وعناصر من الجيش الرسمي الإيراني للقتال في هذه المدينة الاستراتيجية إلى جانب مليشياتها متعددة الجنسيات.
وفي ذات السياق، يعتقد السيد عبد الرحمن الحاج، باحث وكاتب سوري مختص في شؤون الحركات الدينية، أن إيران تسعى لإيجاد موطئ قدم إيراني في سوريا من خلال خلق حوامل ومجتمعات شيعية سواءً كانت أصلية أم متحولة أو مستوردة، لتحصيل المصالح الإيراني في المنطقة.
وأشار الحاج إلى أن حاولت إيران منذ البداية مقاضية مساعداتها المالية أو الاقتصادية للنظام بفتح أبواب التغلغل الناعم في سوريا بأنشطة ثقافية وتعليمية ومحاولة الوصول لمراكز صنع القرار في سوريا
وبحسب الحاج، رغم أن هذه الجهود الإيرانية كانت مكلفة وشاقة وضمن مخطط بعيد المدى، إلا أنها أحدثت تغيير في البنية المجتمعية السورية، إذا تحولت بعض الجماعات التي تأثرت بالمشروع الثقافي الإيراني قبل الثورة تحت تأثير المال، إلى مجموعات عسكرية فاعلة في الصف الإيراني.
ووفقا للحاج، أتيح لإيران لأول مرة استخدام القوة الخشنة وإعادة رسم الديمغرافية السورية باستخدام الأدوات العسكرية بضوء أخضر من نظام الأسد، بعد انطلاق الثورة السورية.