مجاهدي خلق
إيران... 59 عاما على طريق الحرية
تعرضت منظمة مجاهدي خلق التي تدخل عامها التاسع والخمسين لضربات تكفي لتدمير دول ونظم سياسية، لكنها تجاوزت المنعطفات الحادة، لتخرج اقوى، وتواصل نضالاتها بعزيمة واصرار على تحقيق اهدافها.
تلقى مركز المنظمة ضربة قاسية من السافاك في أغسطس 1971، وتم اعتقال 90٪ من أعضائها، والاستيلاء على أسلحتها وممتلكاتها، مما اثار اعتقادا بانهاء وجود التنظيم، لكن إيمان المؤسسين الراسخ بالهدف والنهج كان اقوى من الفرضية، فقد تجذرت المنظمة في المجتمع الإيراني خلال السنوات التالية.
استهل محمد حنيف وسعيد محسن رسالتهما من السجن بـ “إننا نكتب هذه الرسالة في وضع استولى فيه العدو المتعطش للدماء على جميع متعلقاتنا، ونتعرض لأشد اشكال التعذيب اللاإنساني المتبع في العصور الوسطى، لم نيأس أبدًا من تحقيق أهدافنا، نؤمن إيمانا راسخا بإرادة الشعب الإيراني البطل، استطعنا الحصول على ورقة وقلم في الزنزانة، وكتبنا رسالتنا ونحن على يقين باعدامنا”.
جاء في الرسالة “لدينا إيمان راسخ بوضوح طريقنا، واستمرار إخواننا في السير عليه حتى النصر الكامل، لن يستطيع الجلادون ثني إرادة عنصر من عناصر مجاهدي خلق، ستذلل وحدتنا التنظيمية أي عائق، لا تيأسوا، طريقنا هو طريق الله وطريق الجماهير، ونتوقع أن تكون هذه السطور واضحة للرأي العام بعد النصر بإذن الله”.
واجه مسعود رجوي الضربة التي وجهها الانتهازيون المتشدقون باليسارية بذات الايمان بمُثل المؤسسين، تحدى ضغوط وتعذيب السافاك بجهد يفوق القدرة البشرية، قاد نضاله لاعادة تجميع وتدريب المجاهدين، وتمكن من فضح الانتهازيين اليساريين ومواجهة اليمين الرجعي.
وصل خميني، الوحش الاكثر رجعية ومعاداة للإنسانية في تاريخ إيران إلى رأس السلطة، لتفرز المواجهة الدموية معه اكثر حركات المقاومة الثورية المعاصرة براعة، وتجربة في النضال من أجل الحرية.
وضعت المنظمة المرأة في موقع القيادة وتوجيه الحركة الثورية، اخذت على عاتقها إزالة الغبار عن الدين التي وصفها المرحوم د. هزار خاني بمحو عقلية العصور الوسطى من أذهان الإيرانيين ونقلهم إلى المعاصرة والحداثة ليستعيد الشعب حقوقه المسلوبة، ورأى البروفيسور إريك ديفيد في نضال مجاهدي خلق “التجارب الثمينة التي لا تنير طريق التحرر والمساواة للرجال والنساء الإيرانيين فحسب، بل تلهم كل متعطش للحرية والمساواة والعدالة في العالم” ولم تأت هذه الإنجازات من فراغ، فهي ناتجة عن فكر وعمل الثوري، معاناة، وتضحية بالدماء و تجاوز محطات صعبة.
ظن المراقبون بان مصير المجاهدين معلق بقشة، ابتهج الاعداء وهم ينتظرون نهاية المنظمة، لكنهم تفاجأوا بنهوضها مرفوعة الهامة، استمر مسار الصعود والهبوط والخروج من المنعطفات الحادة، بما يذكر بأبطال الأساطير القديمة، ويبقي على قناعة راسخة بقدرة الإنسان المعاصر على كسر الجمود بوعيه وإرادته وكفاحه، الامر الذي عبرت عنه توجيهات الأمينة العامة الحالية للمنظمة زهراء مريخي التي لا ترى معنى للطريق المسدود فـ “هناك طريق يجب اكتشافه أو يجب انشاءه”.
حولت التعاليم والتجارب تنظيم مجاهدي خلق الى منظمة منيعة، باتت القيود فرص، والنكسات انتصارات، إلى درجة تحذير مسؤولي النظام بعضهم البعض من الحديث عن انتهاء المجاهدين، واشارتهم الى اعادة بناء المنظمة وانتقالها الى قيادة الميدان في الالفين.
كتب أقرب الناس إلى خميني حين كان في المنفى أن القوى المناضلة والمسلمة أصبحت تميل إلى مجاهدي خلق لدرجة أنه لا يمكن تجاهلهم بأي شكل من الأشكال، وما زالت غرف الفكر التابعة للملالي تحاول الاجابة على الاسئلة المتعلقة باهمية مجاهدي خلق، واسباب بقاءها نشطة على مر الزمن، وفي محاولات العثور على الاجابة يعترفون على مضض بوضع منظمة مجاهدي خلق البلاد في ثنائية الحكومة والمعارضة، الشعب والمقاومة من جهة والنظام من جهة أخرى، مما يملي ضرورات اخذها بالحسبان.
اعتراف حكم الولي الفقيه بهذه الحقيقة، مظهر من مظاهر التسليم بالهزيمة الاستراتيجية التي لحقت بنظام الملالي، وبمكانة منظمة مجاهدي خلق كعدو اساسي، ونديتها، لا سيما وانها قطعت شوطا واسعا في تكريس صورتها كبديل ديمقراطي للنظام.