أحمد الجعشاني
من رواية .. بنت السلطان
توجهت اليوم الخميس ، الذهاب الى مدينة الاتحاد . لأرى جدتي واطمئن عليها. لقد فوت خميس ، لم استطع الذهاب بسبب كثرة نقاط التفتيش ، و الوضع الأمني في عدن . وغلبني الشوق ايضا الى هند بنت السلطان . كان
لقائي مع محسن محبطا لكل امالي. بل كان شى ضدي ، اولا لم يكن اللقاء مع محسن في البيت ، بل كان خارج البيت . لا أعرف هل هو كان قاصدا ذلك . وجدته واقفا أمام البيت ، وكأنه كان منتظرا قدومي . بعدها مشينا سويا ونحن نتحدث عن الاوضاع الاخيره في عدن .كان محسن قلقا من التوترات الوضع الأمني في عدن . ولم يبوح لي ما كان يقلقه. كنت ارى انه مبالغ في قلقه . قلت له بريطانيا بدأت تتفاوض حقك تفرح مش تقلق .. رد مبتسما ساخرا تتفاوض .. اه مع من بريطانيا تتفاوض.. ؟ مع تحرير او قوميه ...!
بسرعة قطعت كلامه .. ليس مهما .. مع من .. المهم هو الاستقلال . وجدت أن محسن يعلم أشياء ، لكنه لم يبوح بها . أعلم أن والده وزيرا في الحكومه وعضو قيادي في جبهة التحرير . وقبلها كان في حزب الرابطه .ربما علم محسن من والده أشياء مقلقه او امور أجهلها . كنت اعلم أن الجبهة القوميه لايوجد فيها اي من السلاطين ، او الوزراء اغلبهم من اليسارين القومين ، الذين كانو في القومين العرب . القيادات النقابيه كلها انظمت لجبهة التحرير ، اغلب الوزراء والمشايخ والسلاطين في جبهة التحرير ، حتى الشخصيات العامه المستقلة انظمت لجبهة التحرير . بينما الجبهة القوميه اغلبها من الشباب ، في حركة القومين العرب ، و البعض منهم جاء من الاحزاب اليساريه ، وبعض منهم يسار متحفظ ليبراليين ، من الذين جأوا من حزب الرابطة . وحزب الرابطة هو من اقدم الاحزاب الاسلاميه في عدن . هو حزب اسلامي معتدل غير متطرف .الا أن الكثير من أعضائه ، هم من الذين اصبحوا قيادات كبيره ، في جبهة التحرير والجبهة القوميه فيما بعد . وابو محسن السلطان وغيره الكثير من المشائخ والسلاطين ، كانوا في حزب الرابطة ثم تغيرت بوصلتهم. بعد انشاء جبهة التحرير والجبهة القوميه . وابو محسن من الذين انظموا الى جبهة التحرير . بينما محسن ظل متحفظا ، لم يفسر لي سبب واضح لقلقه . وان كنت متأكدا ، بأنه لديه معلومات ، لم يفصح عنها . حاولت استدراجه بالكلام . الا انه فاجأني بخبر صدمني وكان مثل القنبله . وأطلقها في وجهي . عندما اخبرني أن هند أخته ، خطبت من ابن عمها وأن يوم الخميس القادم سيكون الزفاف . طلب مني الحضور لمراسم حفل الزفاف . لحظتها شعرت بقشعريره سرت في جسمي، حين عدت إلى عدن ظللت في البيت لم اخرج . شعرت بالحزن وخيبة الامل. كنت اريد ان اخلوا بنفسي ، ولم يكن بيدي شئ اعمله . أحسست بالالم ومرضت جائتني حمى والرعشه . ربما من أثر الصدمه ، فالتزمت الفراش اسبوع كاملا . كنت منقطع عن العالم ، ومايحدث في الخارج . خسارة هند اوجعتني كثيرا . هل أقبل الزواج ، وتحطمت كل أمالي ، لعلي ذهبت بعيدا ، او طلبت مستحيلا ، رغم كل ما أصابني من الالم . كانت خسارتي لهند متوقعه ، او أنها لم تكن مفاجئة . لم يكن بيدي شئ لاقدمه لها . أنا منذو شهور فقط اكملت الثانويه . كان عملي في الصحيفه لاجل المنحه الدراسيه واكمال دراستي . وأنا لم أكن متأكد أنها فعلا تبادلني نفس الحب . ام هو فقط حب من طرف واحد ، لااعلم. فالقلوب عليها اقفالها. تخيلت انها حست نفس احساسي بها ، ام هي اوهام تخليتها انا . لم نتكلم ابدا عن مشاعرنا . مجرد إعجاب مني بجمالها الساحر . وربما كنت مبالغا في اعجابي بها . لا اعرف هل أنا صادق مع نفسي حين احببتها . أو هو حب من طرف واحد . ربما هي لم تحس بي ، ولم يوصلها شئ من اعجابي بها. هي ليست ملامه .. كل اللوم . يقع علي أنا وحدي . أنا من تعلق بها . واحببتها وهي لا تعلم . في الاخير هي بنت جميله ، لن تتأخر في الزواج ، وأبنة وزير في الحكم ، وسلطان في قبيلته . لديها كل المؤهلات ، ليظفر بها اي شاب لديه القدرة والامكانيات . اذا لماذا اندم واتحسر ، وانا لم أملك شئ لاتقدم به ، او حتى انافس في خبطتها. ثم من خطبها ، ابن عمها وهو الاقرب لها . ومن عادتنا وتقاليدنا ، أن البنت لابن عمها . هل انتهى الحب بكل هذه السهولة ، نعم انتهئ .. وقصائدي التى كتبتها ، واحلامي ، التى حلمتها . اصبحت ذكرى قديمه او حلم ، وصحيت منه . نعم كان مثل الحلم وصحوت منه . اول حلم كنت احلمه ، وكنت أتمنى تحقيقه في الحياة . لم يعد هناك مجال حتى لتفسيره.
لم يتبقئ شئ لدى ، احلمه ، أو اسعى الى تحقيقه . سوى المنحه الدراسيه والعمل ، في مكان يحقق رغباتي واحلامي . اتخذت قرارا في نفسي ، أن اسعى للبحث عن المنحه الدراسيه . فأنا بحاجه الى السفر ، والهروب ، من هذا الفشل العاطفي . شعرت بالاحباط ، والحرارة ، بعد زواج هند . تزوجت هند من ابن عمها ، بينما أنا كنت مريض في البيت . اعانى من حب عذري ، من طرف واحد . كنت رقيق جدا وحساس ، مرضت من أول تجربه عاطفيه . لم تكتمل ولم تكن حتى تجربه عاطفيه حقيقيه . بل كانت مجرد احاسيس ، ومشاعر وإعجاب ، من طرف واحد . وجدت نفسي ضعيف جدا ، امام اول ، هزة عاطفيه . كنت افتقد الجرأة ، ربما لو فاتحتها ، او اشرت اليها بحبي . هل كان الموقف تغير الان ..؟
كل ذلك الان لا ينفع شئ . لقد قضى الامر ، وذهب الحب معها ، ولم يبقئ لدي سوى ، الاهات ، والالم . وأوراق شعري التى كتبتها . ساحتفظ بها فهي ديواني الاول الذي لم انشره بعد ..