د. عبده يحيى الدباني
يا اهل الجنوب اتكاتفو بيناتكم اتكاتفو بيناتكم شيبة وشاب
ولياليوم بعد صلاة الجمعة دعاني احد الزملاء من ابناء شبوة الحبيبة إلى وليمة غداء بمناسبة زواج في الحرم الجامعي، فلبيت الدعوة وذهبنا معا مشيا على الاقدام فقد كان المكان قريبا، وقبل ان نصل الى المكان رايت حشدا من الناس جوار خيمة قد انتصبت وكأنها في صحراء شبوة ، ما ان اقتربنا من المكان حتى وصلتنا أصوات الزوامل الشعرية ..اقتربنا اكثر فإذا الناس فريقان فريق قادم وفريق آخر وقف لاستقباله، وفي الساحة عدد من الشعراء يصولون ويجولون ويرتجلون الشعر ارتجالا وكله اراجيز ذكرتني بالقرية في مثل هذه المناسبات .
سمعت فيما سمعت من شعر وكأنني سمعت كلمة (عفاش) في سياق مدح فقلت في نفسي ما الذي جاء بعفاش الى هذا الوسط الجنوبي الصرف ؟ وما الذي جاء بي الى هنا لاسمع هذا؟
ارهفت السمع اكثر فإذا بي أسمع اسما آخر مشادا به وهو (منصور) فظننت أن المقصود هو الرئيس عبدربه منصور فزادت حيرتي، واذا بشاعر آخر يذكر كلمة (الناصري) فقلت ما هذا الذي يحدث هل نحن في وليمة او في مهرجان انتخابي ؟!
شيئا فشيئا تبين لي انهم لم يرددوا اسم عفاش ولكنهم كانوا يقولون (عباس) وهو من اصحاب الوليمة واما منصور فهو من أصحاب الوليمة أيضا وقد ذكروا الناصري لانه اكبر الشعراء في تلك الساحة ، فلمت نفسي أنني ظننت في القوم الظنون، هكذا يذهب بالنا دائما في الجنوب وقضيته حيث كنا فقلوبنا معلقة به .
لقد كنت في وسط جنوبي شامل من كل مكان واكثره من ابناء شبوة الميامين الذين كانوا مستضيفين لنا. وسرعان ما هتف الشاعر الناصري قائلا :
يا اهل الجنوب اتكاتفوا بيناتكم
اتكاتفوا بيناتكم شيبة وشاب
يا اهل الجنوب موتوا على دين النبي مابتقع وحدة بغصبا واغتصاب
هذا الشعر شد الرأس واثار الحماس وهتفت الله أكبر..
اشعار كثيرة قيلت تربو عن قصيدة واكثر لعدد من الشعراء ارتجالا عجيبا ترحبيا واحتفالا واحتفاء وحثا لابناء الجنوب على التماسك والتصدي للمؤامرات في هذه المرحلة العصيبة .
لم احفظ غير ما ذكرته سلفا .
توليت الى الظل في الخيمة حين احسست بدوار من الشمس.
ما أروع هذا المشهد الذي مر بي اليوم
كان أشهى من الغداء واعذب من الماء ،
رايت رجالا اصحاب ارادة فولاذية فحقا ان شبوة هي عمق الجنوب وهي شوكة ميزانه ، رجالا يعجبونك شعرا وشعورا ونخوة وكرما وتضحية وفداء لهذا الوطن ، الله الله على الرجاجيل الذين يرفعون الرأس .
د عبده يحيى الدباني