ماريا هشام
التعليم في الجنوب بين الريادة والانتكاسة
عندما نقارن مستوى التعليم في الجنوب بين الماضي والراهن ندرك كم هي المسافات الواسعة بين النجاح والاخفاق، وقد دلت أوضاع اليوم ان الجنوب قد فقد اهم المقومات النجاح الاجتماعي بانحدار مستوه التعليم من الابتدائية حتى الجامعة تلك المرتكزات التي عملت على تهديب الشخصية الجنوبية وزرع فيه حب العمل واحترام النظم والقوانين والحفاظ على كيان المجتمع المدني وكل هذا كان اساسة مستويات التعليم المتقدمة.
لقد عرفت عدن اول مدرسة لتعليم الحديث عام 1858م في عهد الحكم البريطاني وقد تسارعت بعدها وثيرة التعليم حتى وصلا في عهد الدولة الجنوبية الى اعلى المستويات في الدراسات الجامعية والمنح الدولية في جميع التخصصات، وقد صدر في عام 1973م قانون محو الامية وتعليم الكبار لتصبح نسبة الامية في الجنوب عام 1982 م في ادنى مستوياتها ومانت الدولة الجنوبية قد أصبحت من الدول الرائدة في القضاء على الامية.
لكن اليوم وبالذات في عام 1994م استخدمت سياسات تدميرية للعقل الجنوبي عن طريق ضرب التعليم في السنوات الاولى الأساسية واقحام مناهج لا تمت للتعليم الحديث بصله بل تعتمد على الحشو والحفظ وهذا جعل عقول الثمانين لا تتقبل المعرفة الدخيلة عليها وكان الانصراف عن الاهتمام بالتعليم إضافة الى عوامل أخرى مثل المتدهور الاقتصادي الذي ضرب كثير من الاسر وترك الجامعات والمدارس والمعاهد والبحث عن وظائف ومهن أصبحت من الظواهر العامة في حياتنا ومن طلاب المدارس من ذهب الى طريق تجارة المخدرات والسلاح والبلطجة والجماعات الإرهابية والسرقة والتقطع وكل هذا لم يكن معروفا في عهد الدولة الجنوبية السابقة .
في الماضي كان الطالب يطمح الى ان يكون اما مهندسا او طبيبا او أستاذا جامعيا او يمتهن أي مهنة في مرافق الدولة التي تعمل على تدريبة وتأهيله في مجالات مثل الكهرباء او الميناء او المطار وغيرها من المرافق الحكومية وغيرها التي كان يتعلم فيها الفرد مهن تساعده على صنع كيانه الاجتماعي واليوم نجد ان هذه المرافق التي تعاني من التفكك وبعضا منها مثل المصانع والمؤسسات التي دمرت ونهبت من قبل الاحتلال اليمين كانت من روافد الاقتصاد الدولة الجنوبية وفي واقع اليوم نجد الغياب الكامل لدور مؤسسة الدولة في توظيف خريج الجامعة او المعد بسبب تفشي الفساد في معظمها والبطالة المقنعة وهذا احدث اختلال اجتماعيا في بنية المجتمع الجنوبي وهذا قد اوجد حالة من التمرد النفسي هذا التعليم لذا الطالب واصبح ينظر الى تجار المخدرات والسلاح والقات ونهب الأراضي ، على انعم المثل الأعلى وهنا نجد ان المسالة تقاس بالجانب المادي فالشهادة الجامعية في ظل المجتمع ينخر جسمه الفساد المادي والأخلاقي تنقلب المعادلة ، ومن الأمثلة على ذلك الطالب الخريج من كلية الطب اذا وجد وظيفة مع الدولة ما هو الراتب الشهري 50الف او 60 الف او 70 الف هذه الأرقام تحمل القيمة الرقمية فقط ولكنها لا تحمل القيمة الفعلية في السوق وقد حكت لي طبيبة انه ابن جارهم قد ترك دراسة الطب وذهب الى ليعمل عن بائع قات وعندما سالته عن السبب عندما اتخرج من الكلية كم سوف يكون راتبي ؟ قيمه المعزة في السوق أكثر من راتبي وانثي ماذا تملكين، بائع القات الذي اعمل معه اربع عمارات غير السيارات.
هذه الحكاية وان بدأت عند البعض ليس لها أهمية بل هي تؤكد على عمق الازمة وخطورتها في المستقبل عندما لن نجد طبيبا او مهندسا وغيرة من المهن الأساسية الذي يعتمد عليها المجتمع، لن نجد من الأبناء الجنوب من يمتلك القدرة العملية على العمل فيها.
وهذا في دورة سوف يؤدي في دورة الى ارتفاع معدل الجرائم في مختلف اشكالها مما ينذر بخطورة تحول المجتمع نحو الجرائم التي بدأت تتوسع في مجتمعنا فغياب الوعي يعزز الفوضى ومنها تخرج الجريمة الوليدة الغير شرعية في المجتمع ونحن نجد ان هناك من الطلاب من وصل الى الثانوية العامة وهو لم يجيد القراءة والكتابة ، اليس هذا الفعل يؤكد بان المدارس أصبحت تخرج طوابير من الأميون والجامعات اعداد من انصاف المتعلمين .في العقود الماضية كان خريج الثانوية العامة على مستواه من الثقافة والتعامل مع اللغة العربية والانجليزية والمواد العلمية والأدبية مما جعل بعض الذين عاصروا تلك المراحل يقولون خريج الثانوية العامة في الماضي افضل من خريج جامعة في هذا الزمان.
اليس هذا نكسة في التعليم في الجنوب وهدم لقوة الوعي ولكن بالرغم من كل هذا هناك عقول نيرة استطاعت الخروج من هدا النفق المظلم لتوكد ان الجنوب العربي مهما تعرض لضربات يمتلك القدرة على تجاوز الازمات .