د. عبده يحيى الدباني
من أقوال وأمثال الإمام علي بن ابي طالب
يأتي كلام الإمام علي ابن ابي طالب رضي الله عنه في ذروه عالية من البلاغة والفصاحة حتى لقد روي إنه افصح الناس بعد النبي صلي الله عليه ،لقد كان رحمه الله خطيبًا ومترسلاً وشاعرًا وصاحب امثال
وحكم وبداهة وارتجال ،وقد قيل في بلاغته الكثير ،وقد جمع بعض العلماء في العصر العباسي كتابًا كبيرًا اطلق عليه "نهج البلاغة " بيد أن هناك من يرى ان ما جاء في هذا الكتاب ليس كله صحيحا النسبه إلى
الإمام علي ،أي إن فيه تزيدًا ،وانتحالا كبيرين ،وقد جاء احد المحققين في العصر الحديث وعمل على تحقيق وتوثيق كل ما صحت نسبته ألى الإمام معتمدًا على كتب الثراث المختلفه ،التي لم تعرف بالكذب والتزيد و الانتحال واطلق على هذا العمل المنجز "نهج البلاغة" . ومن هذا الكتاب المحقق الموثق نختار بعض الحكم و الأمثال التي اطلقها الإمام في مناسبات مختلفة.
قال على سبيل الحكمة "اذا اقبلت الدنيا على احد أعارته محاسن غيره وان أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه" وهذا قول بليغ موجز ينضح بالحكمة ودقة الملاحظة ومعرفة حصيفة بالحياة و اطوارها المختلفة وباثرها في سلوك الفرد .
وقد قامت العبارة على المفارقة و المقابلة اللتين قامت عليهما الحياة نفسها وفيها تجسيد مادي لما هو معنوي من خلال الإقبال والإدبار للدنيا والعطاء والسلب.
وقال ايضًا "إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروها بقلة الشكر "وهو قول جسد المعنى تجسيدًا
ولم يعبر عنه بطريقة مباشرة او سطحية او مجردة، لقد جعل للنعم اطرافًا واقاصي و جعلها تصل وتنفر من باب الاستعارة المكنية .
كل هذا جعل من العبارة اوقع في النفس و اطول بقاء ، فضلا عن ايجازها الذي كان نتيجة للتصوير فيها .
ومما قال "إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغو ا لها طرائف الحكمة) فهذا القول يشير إلى
ضروره تنشيط القلوب أي رياضتها مثلها مثل الأجسام لأن الضغط عليها ليس محمود العواقب ،كما يرى
ان رياضة النفوس او القلوب تكمن في الحكم بل في الحكم الطريفة على وجه التحديد فيتحقق الأمران :المتعة و الفائدة .
ان الحكم الطريفة تنعش النفوس وتبعث فيها الحيوية.
وقال كرم الله وجهه :"ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبًا لما عندالله وأحسن من تيه الفقراء على الأغنياء اتكالاً على الله ) والحكمة هنا قائمة على المقابلة بين الأغنياء والفقراء في تعاملهم كل مع
الآخر لقد اختلف الفعل بينما الغاية واحدة وهي تقوى الله ،وهذا درس بليغ للفريقين معًا.
وقال "للظالم من الرجال ثلاث علامات :يظلم من فوقه بالمعصية ،ومن دونه بالغلبة ، ويظاهر القوم الظمة " هذه علامات الظالم في نظر الإمام علي ،يعصي الذي فوقه حتى يتسنى له غلبة الذي تحته فهو عندما يظلم من دونه يكون قد عصا الذي فوقه لأنه قد اخل بالأمانة ،
ووقف إلى جانب الظلمة منافحًا ومدافعًا ،لأنه ظالم ، فهذه العلامات الثلاث بعضها من بعض ،فالخيانه والجور ومعاونة الظالمين على المظلومين هي سلوك الظالمين في كل عصر.
د عبده يحيى الدباني