ماجد الطاهري
أزمـة إدارة
خلف كل عمل ناجح إدارة ناجحة إذ تُعتبــر الإدارة المتمكنة محور إرتكاز تُبنى عليه نهضة الأمم ورقي الشعوب وتقدمها قديماً وحديثا.
وعندما تشاهد بعينيك أو تقرأ بلسانك في الشواهد التاريخية والمعالم الحضارية القديمة والتي مازالت حية وقائمة على أصولها وضاربة في جذور التاريخ لإلاف الحقب والأعوام،ومنها على سبيل المثال لا الحصر عظمة ألاهرامات المصرية وعرش بلقيس في مارب والمباني الرومانية في ايطاليا عندئذ ينبغي أن تدرك أن ذاك الرقي ما كان له أن يتأتّى إلّا وفق منظومة إدارية متكاملة متمكنة وناجحة،فإن إستعصاء عليك الفهم والإلمام بالماضي فتأمل من حولك في عصرنا الحاضر وانظر أحوال بعض الدول والشعوب اليوم والتي استطاعت النهوض والرقي بنفسها لتصنع لها أمجاد سيخلدها التاريخ مستقبلاً،وحينها ايضا ستدرك انه ما كان لها أن تتقدم وترتقِ إلّا بحسن تفكير وتدبير وإمتلاك القدرة على إدارة العقول البشرية قبل إدارة المقدرات والموارد والثروات.
والشاهد مما سبق هو أن نعي سبب الإنحدار التي تمر به شعوبنا ودولنا العربية اليوم من ضعف وفقر وشتات وتخبط في وحل الفشل بالرغم لكل ما تملكه من الإمكانيات والمقدرات والوسائل المادية والمعنوية والتي تستطيع من خلالها العودة مرةً أخرى لتحجز لها مكانا في سلم النجاح والمجد..
وبالتالي فإن مكمن الخلل وأساس الإشكال لدينا كعرب قادةً وشعبا يتمحور بأزمة وجود الإدارة الصحيحة السليمة،وبمحاربة وإقصاء رجال الإدارة الذين يملكون قدرا كافيا من النزاهة والخبرات لما تؤهلهم لقيادة مؤسسات الدولة والعمل من أجل الإرتقاء بها نحو الأفضل،ومرجع ذالك إستهداف ممنهج بتخطيط ورعاية وتمويل عصابات دول الهيمنة العالمية والتي ما برحت تستغل ضعفاء النفوس وارباب الجشع ومحطّ الفشل لتدفع بهم نحو الواجهة فيتقلدون المناصب الهامًة ويديرون بعبث أمور البلاد والعباد ويعيثون في الأرض الفساد، ومن خلفهم أعوان يمدّونهم في الغي ويطروهم مديحا بحميد الفعال والخصال..
ومنتهى القول وكما قيل: إذا عُرف السبب بَطُلَ العجب، فمتى ما أُعطي الخبز لخبازه، ومتى ما تقلدت المناصب على أساس الكفاءة والنزاهة،ووجدت العدالة والمساوات، صَلُحَت الأحوال،ونهضت الشعوب وتطورت البلدان، ولنا مثال في دول كانت بالأمس القريب تقبع في ذيل قائمة دول العالم ينهشها الفقر ويطحنها الجوع والبؤس مثل دولة ماليزيا وسنغافورة ودول الخليج فلما قررت النهوض وامتلكت الإرادة وتحررت من تبعية القرار اتنفرد به بكامل السيادة حينئذٍ أحسنت الأختيار بمن يتولى مقاليد أمرها فاستحقت أن تصبح في فترة وجيزة في مصاف الدول نهضةً وتعليما وصناعة وعمران، وعاشت شعوبها حياة الإستقرار والطمأنينة والسعة والرخاء..