أحمد الجعشاني
سلوب الكتابة
ماهي الطريقة التى يستطيع بها الكاتب ، أن يعبر بقدر ما عن افكاره الى القراء . وهل للكتابة اسلوب ، من الواضح ان هناك اسلوب في الكتابه ، وقد تختلف من كاتب الى كاتب اخر، حيث يقول الكاتب البريطاني ماثيو أرنولد ( هل لديك ماتقوله . قوله بوضوح قدر الامكان . هذا سر الاسلوب الوحيد في الكتابه) .
وعادتا ما تكون اسلوب الكتابه ، هي ما تكشف عن شخصية الكاتب ، فهناك من يبسط الكلمات والمفردات التى تخدم النص ، دون تصنع او تكلف يكون سهل التعبير، وذو افكار عميقه واضحه للقارئ. وهناك من الكتاب يكتبون باسلوب يكاد يكون اكاديمي ، او يستخدم ويكثر فيها من استخدام المصطلحات الفلسفيه ، ومفردات لغويه صعبه وفاخره ، وجمل بلاغيه معقدة فتكون صعبة الفهم للقارئ ، فتكون ممله ويجهد القارئ في الفهم ، وتؤدي احيانا الى صعوبة استنباط الفكرة من المقال . وهؤلاء نوع من الكتاب يختارون الاسلوب الصعب ، ويحتاجون الى نوع معين ، من القراء ويكونوا على درجه عاليه من الثقافة في فهم اسلوب الكاتب . وهناك اسلوب الكتابه الساخر النقدي وعادتا مايكون بمفردات لغويه واضحة الفهم وجمل قصيره سهلة التعبير وكثير مايستخدم فيها الامثله والمصطلحات المترادفة .
ولكن لكل كاتب جيد ، له اسلوبه في التعبير عن فكرته او موضوعه بطريقة ما . واحيانا قد يصبح الاسلوب في الكتابه كهويه لهذا الكاتب او ذاك ويتميز به عند القراء . مثل بعض الكتاب الذين اشتهروا بكتاباتهم وتميزوا بابداعاتهم . بان لهم اسلوب خاص بالكتابه ، مثل الاستاذ المفكر عباس محمود العقاد ، والدكتور طه حسين وهما مدرستين مختلفتين في الكتابه والاسلوب . ولها الكثير من الأعمال الفكريه والدراسات في الأدب والشعر والقصة والنقد والفلسفه. ولعل من المفيد ان نوضح ماتحدث عنه الدكتور احمد هيكل ، عن اسلوب الكتابة لدى عميد الادب العربي طه حسين يقول (هو التصوير المتتابع ، وسهولة اللغة في جمل بسيطه لاطول فيها ولاتعقيد ، وليس فيها خروج على انماط التركيبه للجملة العربيه في ابسط صورها ) وذلك يعني لنا أن الدكتور طه حسين ذو تعبير سهل واضح الفهم مع جمال الصوره و الاسلوب ونصاعة البيان . بينما الاستاذ العقاد فهو يميل الى الشرح الدقيق ويستخدم النهج النفسي والفلسفي في تحليل الشخصيات ، وجمل طويله ببلاغة عاليه في اللغة ومصطلحات من النهج الفلسفي وفي كتاب انيس منصور ( كانت لنا ايام في صالون العقاد ) قال حدثني الكاتب الكبير توفيق الحكيم ، ان مؤلفات العقاد تشبه مؤلفات شكسبير ، هي بحاجه إلى من يبسطها الى الناس فهي صعبة الفهم . مفاده أن العقاد يسهب كثيرا في التحليل والتدقيق كما هو واضح في كتب العبقريات وروى لنا ايضا هذه القصه قائلا صدر لي مقال في جريدة الاساس عام ١٩٤٨م في بداية عملي في الصحافة وسألت الاستاذ العقاد حينها هل قرأت المقال قال نعم (يامولانا) اعجبني اسلوبه و لم يقل أعجبتني الفكرة . رجعت وقرأت المقال مرة اخرى وجدته اسلوب صعبا ومعقدا وكان مليئأ بالتراكيب الفلسفيه وذلك كان بسبب بداية عهدي مدرسا في الجامعة في مادة الفلسفة فاعدت مرة اخرى كتابة المقال ٣٢مرة ذلك لاني وجدته اسلوب صعب ولايمكن فهمه ، وكان اسلوب العقاد صعب واحيان معقد وليس من السهل فهمه ، وهو مافهمت من كلام الاستاذ العقاد. بينما ذكر لي مرة الدكتور طه حسين ، أنه لايوافق الاستاذ العقاد في استخدام المنهج النفسي في تحليل الشخصيات الادبيه كما يفعل الاستاذ العقاد . يمكن القول ان الاستاذ العقاد كان موسوعي ، ويجهد القارئ في فهمه ، فهو يميل الى التشريح الدقيق ويستخدم النهج النفسي في التحليل ، بينما الدكتور طه فو يميل الى البساطه والسهوله والتوضيح والعمق في نفس الوقت . وكلاهما يمتازان ايضا بفخامة الاسلوب ، وجمال الصور ونصاعة اللغه .
وهناك اساليب اخرى للكتابه ، وهي الكتابة الساخرة ومن اشهرهم الجاحظ ، وهو خير مثال في ادبنا القديم في ( البخلاء) . واما في العصر الحديث لعل اشهرهم الكاتب محمود السعدني ، ومحمد الماغوط وهما اكثر من كتب بالاسلوب الساخر ، والاسلوب الساخر في الكتابه هي طريقة تعبير نقد الواقع بلغة ساخرة ، تدعو الى الضحك وفيها احيانا بعض من الغموض او الدلاله الرمزيه التى تنقد الواقع الاجتماعي والسياسي .