الاخوان: من ليبيا إلى اليمن.. إلى الاستثناء المصري

ترشح سيف الإسلام القذافي أم لم يترشح للرئاسة لن يصنع ذلك فارقاً في ليبيا.

 ما يصنع الفارق هو لملمة الوضع الداخلي بما يضمن في المدى الطويل حدا أدنى من الاستقرار في بلد يترحّم فيه مواطنوه على أيّام معمّر القذافي.

 

من سخرية القدر الترحّم على أيّام القذافي و«الجماهيريّة» التي أقامها والتي كانت تعبيرا عن نجاح ليس بعده نجاح عن القدرة على تحويل بلد يمتلك كلّ مقومات النجاح الى دولة فاشلة.

 

تحولت ليبيا الى دولة فاشلة بكلّ معنى الكلمة بعدما تبيّن أن الإخوان المسلمين الذين يعملون تحت واجهات عدّة لا يستطيعون بناء دولة.

 

استغلّ الاخوان، «الربيع العربي» لتخريب ليبيا وإيجاد فراغ فيها.

 

ليس ما قاموا به سوى دليل على أنّهم لا يستطيعون لعب دور بناء في أيّ دولة من الدول.

 

صار شخص مثل سيف الإسلام يمثل بريق أمل بالنسبة إلى قسم من الليبيين الذين يخشون من أن يستفيقوا على يوم من دون بلد ينتمون إليه ويعيشون فيه بأمان.

 

لا مستقبل لليبيا في ظلّ إصرار الإخوان المسلمين على تولي السلطة بأيّ ثمن كان حتّى لو كان معنى ذلك الاستعانة بمرتزقة سوريين وغير سوريين جاء بهم رجب طيّب اردوغان إلى البلد.

 

لم يدخل الإخوان المسلمون بلدا إلّا وخربوه.

 

مضت عشر سنوات وأكثر على سقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس.

 

أدّى عبث الإخوان المسلمين، الذين يعملون تحت لافتة حركة النهضة التي يتزعمّها راشد الغنّوشي، إلى جعل مستقبل تونس على كفّ عفريت.

 

ليس ما قام به الرئيس التونسي قيس سعيّد سوى محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في تونس وإعادة الحياة إلى دولة المؤسسات التي بناها الحبيب بورقيبة والتي حافظ عليها، وإن نسبيا، زين العابدين بن علي.

 

من سخرية القدر أيضا أن الناس في تونس تترحّم على عهد الراحل زين العابدين بن علي الذي لعب دوراً في توسيع الطبقة المتوسّطة وجعل من تونس دولة مزدهرة على الرغم من الشوائب التي ظهرت طوال عهده الطويل.

 

في مقدّم هذه الشوائب دخول أرملته ليلى طرابلسي في مرحلة معيّنة على خط الشراكة في السلطة وتحولّها مع إخوتها وأقاربها إلى الرقم الصعب في المعادلة الداخلية سياسياً واقتصادياً.

 

بدل أن يعمل الإخوان المسلمون بعد «ثورة الياسمين»، على إنجاح التجربة التونسية في مرحلة ما بعد خروج بن علي من البلد، أمعنوا في تدمير مؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخرى عن طريق حشر مناصريهم في الدوائر الرسميّة.

 

لم يتوقف الغنوشي وغيره من الإخوان عند نقطة في غاية الأهمّية.

 

تتعلّق هذه النقطة بكيفية بقاء تونس مزدهرة والقضاء على سلبيات عهد بن علي بدل مضاعفة هذه السلبيات مرات عدّة.

 

لدى الإخوان شبق ليس بعده شبق إلى السلطة.

 

يظلّ اليمن مثلاً صارخاً على ذلك.

 

كلّ ما قام به الإخوان، الذين يعملون في اليمن تحت عنوان حزب التجمع اليمني للإصلاح، صبّ في مصلحة الحوثيين.

 

استغلّ الإخوان المسلمون «الربيع العربي» من أجل التخلّص من علي عبدالله صالح.

 

لا يمكن تجاهل أن الرئيس السابق الذي أصرّ الحوثيون (جماعة أنصار الله) على قتله، ارتكب أخطاء كبيرة في السنوات الأخيرة من عهده.

 

لكنّ ما لا يمكن تجاهله أيضا أنّ اليمن الموحّد انتهى في اليوم الذي خرج فيه من السلطة في فبراير 2012.

 

لم يكن لدى الإخوان من مشروع سياسي قابل للحياة.. كلّ ما أرادوه هو السلطة.. السلطة من أجل السلطة.

 

أثبتت التجارب أن الإخوان يستطيعون التخريب فقط.

 

ماذا كانت نتيجة خروج علي عبدالله صالح من الرئاسة؟ النتيجة كانت صفقات من تحت الطاولة، مع أطراف عدّة، قامت بها «الشرعيّة» ممثلة برئيس مؤقت اسمه عبدربّه منصور هادي لا يعرف شيئاً عن اليمن واليمنيين.

 

استخدم الإخوان، عبدربّه كي يمعنوا في التخريب.

 

أدّى ذلك بكل بساطة إلى وضع الحوثيين يدهم على صنعاء في 21 سبتمبر 2014.

 

إنّهم يتوسعون في هذه الأيّام في كلّ الاتجاهات من أجل إقامة كيان سياسي يدور في الفلك الإيراني.

 

كلّ ما حدث في اليمن كان نتيجة التآمر على، علي عبدالله صالح من أجل الحلول مكانه.

 

لا يعني ذلك أن الرئيس السابق بريء ومعتدى عليه، لكنّ الواقع الذي لا مفرّ منه أن اليمنيين يترحمون حالياً على عهده بعدما صار بلدهم في مهبّ الريح وبعدما صارت صنعاء مدينة بائسة لا مكان فيها سوى لثقافة الموت التي ينادي بها الحوثيون الذين ليسوا سوى الوجه الآخر للإخوان.

 

تقود التجارب الثلاث في ليبيا وتونس واليمن إلى التساؤل ماذا لو بقي الإخوان في السلطة في مصر؟ من حسن حظ مصر تخلّصها من الإخوان باكراً.

 

ليس سرّاً أن المصريين نزلوا إلى الشارع في 30 يونيو 2013 من أجل استعادة بلدهم.

 

الأكيد أن القوات المسلّحة لعبت دوراً أساسياً في حماية ثورة المصريين على الإخوان المسلمين.

 

كذلك، كان هناك دعم عربي واضح للثورة المصريّة.

 

سارعت ثلاث دول عربيّة هي المملكة العربيّة السعوديّة والكويت ودولة الإمارات العربيّة المتحدة إلى دعم مصر سياسياً واقتصادياً.

 

لعلّ أهمّ ما فعلته هذه الدول الثلاث يتمثّل في رفض التوجهات الأميركيّة وسياسات إدارة باراك أوباما المتواطئة مع الإخوان.

 

تعافت مصر وتحولت إلى ورشة بناء كبيرة.

 

تشير كلّ الأرقام إلى أن تحسّناً حقيقياً طرأ على الوضع المصري.

 

الأهمّ من ذلك كلّه أن مصر في وضع يسمح لها حتّى برفض أي إملاءات أميركية تصدر عن إدارة لا تعرف شيئاً عن الشرق الأوسط ولا عن خطورة المشروع التوسّعي الإيراني على المنطقة كلّها ولا عن طبيعة تنظيم الإخوان.

 

تبدو المنطقة أمام خيارين:

 

خيار السقوط في فخ الإخوان ومشروعهم التخريبي وخيار مقاومتهم... كما حصل في مصر التي استعادت عافيتها بمجرّد التخلص من حكمهم ومن التخلّف الذي كانوا يريدون فرضه عليها.

مقالات الكاتب