ماجد الطاهري
سِــلاح الإعلام المؤثِّـــر
التأثُّر أو التأثير متلازمة إنسانية مذ بداية الخليقة، ومنطلقها الأول كان قد تمثّل بمقدرة تأثير إبليس اللعين على أبو البشر آدم عليه السلام متخذاً أسلوب الإغراء إذ بدء يوسوس له ويدلّه على شجرة الخلد ومُلكٍ لا يفنا، وفعلاً كان ذلك أول تأثير إعلامي مباشر على مستوى الأفراد ينجح فيها الشيطان بغواية الإنسان ليقع في أول معصية بحق الله خالقه ، ينفى بسببها من الجنة وتنقلب بعد ذلك حياته ومصير ذريته رأسًا على عقب..
كان الإعلام منذ الأزل سلاح الأنبياء والرُّسل بدايتها دعوة للخيرية تبناها فرد ثم أُوكلت بها جماعة إلى أن تغدوا مهمة أمّة بأكملها، وجميع دعوات الأنبياء والأخيار في كل زمان ومكان لم تخلوا من إعلام الضّدية وحاملوا رايتها ممن تأثروا ايضاً بالغواية الشيطانية فأصبحوا دعاة على أبواب جهنم ..
ومع مرور الحقب والقرون والأعوام استطاع الإنسان أن يطوّر مفاهيم وطرق الإعلام ويضيف إليها بما يتواكب ويتلائم مع كل عصر وهذا التطوير يهدف نحو القدرة في صناعة تأثير على المجتمعات سواءً عقايدياً أو فكرياً وغير ذلك من حب السيطرة والإستئثار بإمتلاك القوة أوالسلطة والثروة ..
واليوم ونحن نعيش في زمن القرن الحادي والعشرين نستطيع أن نجزم بالقول أنتهاء عصر التحكم بمصير الأفراد والمجتمعات والدول والبلدان عن طريق الغلبة بكثرة العدد للجيوش أو إمتلاك السلاح والعتاد،حتى وإن كان منها أولوا بقية هنأ وهناك إلّا أنها بكل ما أوتيت من قوة تتقزم فعلاً أمام عظمة وسحر وتأثير الإعلام اليوم وبما يمتلكه من الوسائل الحديثة المتعددة والمتطورة، والتي أثبتت فعلاً فائق سرعتها في القدرة على التأثير على حياة الناس، حتى انها تمكنت (الاعلام) في الغالب من قلب المفاهيم لدى الكثير البشر لتدفع بهم نحو التمرد على العادات والتقاليد والكفر بكل ما يعترض طريقها عقائدياً ..
بعدئذٍ كيف لا يكون الإعلام اليوم السلاح الفتاك والمهيمن على العالم وحاملوه وصانعوه يمنحون صكّ الولاية والزعامة والملك لمن يشاؤا وينتزعوها ممن شاؤا إمّا عبر هاشتاج بتويتر أو إشاعة بفيس بوك أو حتى مقال في موقع أوصحيفة عن قضية إختلاس وفساد وقد ربما بتحقيق صحفي عن فضيحة أخلاقية تبثه إحدى قنواتهم الفضائية المشهورة ...
كيف لا يكون الإعلام مؤثراً ونحن نشاهد مثلاً شخصًا يمتلك حسابًا على تطبيق فيس بوك أو تويتر أوموقعًا أخبارياً مشهوراً ولديه متابعين كُثُر ثم نرى هذا الشخص بمجرد كتابته منشور واحد فقط يستيطع من خلاله إثبات طرحه بالحجة والدليل فيكسب تعاطف الناس ويجعل مما طرح قضية رأي عام ليقيم بها الدنيا ويقعدها وقد ربما يهزّ بها عروش ملوك وزعماء وقد يطيح من على كراسي السلطة بقادة ووزراء ،
مع كل ما يمتلكون من القوة والمال والسلطة هل تصدقون أننا في زمن يخاف فيه الرئيس والوزير والمسؤول والفاسد يخافون جميعهم من مجرد شخص إمّا إعلامي أو حتى ناشط اعلام في مواقع التواصل الإجتماعي رأس ماله حساب في موقع تويتر او فيس بوك وسلاحه قلمه وعدته وعتاده أصدقائه ومتابعيه ،لذا يحاول بعض الفاسدين في سدة الحكم وحتى الصالحين منهم كسب ذالكم الإعلامي أو الناشط وإغداقه بالعطاء تقرباً منه وتلافياً من مكره وشرّه ...
وهكذا أضحت مهنة الإعلام اليوم وسيلة كسب مربحة ومريحة وسريعة استغلها الكثير من ضعفاء النفوس من رواد مواقع السوشل ميديا ممن لا يمتلكون مبادئ أو أخلاق وقيم إذ إمتهن الغالب منهم ممارسة الضغوطات على الصالح والطالح لإجباره حتى يدفع مقابل صمتهم عنه وعدم التهجم عليه بالقول سواءً أكان ما سيقال عنه حقيقةً أم زوراً وبهتاناً ..
مع التحية والإجلال والإكبار لكل إعلامي شريف أو ناشط في مجال الإعلام يستخدم مهنة الإعلام في قول كلمة الحق والدفاع عنه والوقوف بوجه العبث والفساد بكل ومناصرة المظلومين