جمال المحرابي
بعد مسيرة عطاء ..غيب الموت أستاذنا ومعلمنا الحبيب الغالي الوفي فضل الدرويش
كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق التي تسجل وتختزن في القلب والذاكرة وكم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة ونختنق بالدموع ونحن نودع واحداً من جيل المربين والأساتذة الافاضل المؤمنين بالرسالة التربوية العظيمة الناكرين للذات من ذلك الزمن الجميل البعيد أستاذنا جميعاً المربي المرحوم فضل عبدالله محسن الدرويش الذي فارق الدنيا بعد مسيرة عطاء عريضة ومشوار حياة في السلك التعليمي والعمل التربوي والاجتماعي تاركاً سيرة عطرة وذكرى طيبة وروحاً نقية وميراثاً من القيم والمثل النبيلة .
فيا أيها الانسان الطيب والمعلم المخلص ويا نبع العطاء والنهر المتدفق حباً لعملك يعز علينا فراقك في وقت نحتاج فيه الى امثالك من الرجال الأوفياء الصادقين .
ومهما كتبنا من كلمات رثاء وسطرنا من حروف حزينة باكية لن نوفيك حقك لما قدمته من علم ووقت وجهد وتفانٍ في سبيل شباب ورجال المستقبل والغد وعلمتنا من أخلاق وقيم فاضلة وغرست فينا حب العلم والمعرفة ونميت في اعماقنا قيم المحبة والخير والانتماء .
ويا لسعادتي وشرف كبير لي انني كنت واحداً من طلاب وتلامذة راحلنا الكريم الأستاذ فضل الدرويش الذي أشغل مدرساً في مدرسة القفلة مدرسة " الشهيد محمد احمد سفيان سابقا مدرسة الفاروق حاليا " والتي قضى فيها أكثر من أربعين عاماً في سلك التدريس .
عرفنا الفقيد معلماً هادئاً ، متسامحاً ، راضياً ، قنوعاً ، ملتزماً بانسانيته كما هو ملتزم بدينه وواجباته الدينية . حمل الامانة باخلاص واعطى للحياة والناس جهده وخبرته وتجربته وحبه لهم .
تمتع بخصال ومزايا حميدة جلها الايمان ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب متميزاً بالدماثة والتواضع الذي زاده احتراماً وتقديراً ومحبة في قلوب الناس والطلاب وكل من عرفه والتقى به.
وهل هناك ثروة يبقيها الانسان بعد موته أكثر من محبة الناس ..؟!
اكثر من أربعون عاما امضاها في مدرسة القفله مدرسة " الشهيد محمد احمد سفيان سابقا مدرسة الفاروق حاليا " التي شرفها وتشرفت به فكان رسول علم ومعرفة وجدول عطاء وتضحية ونعم المعلم والأب الحنون والأخ الودود والصديق الصدوق الذي كان قدوة ونموذجاً ومثلاً يحتذى في البساطة والوداعة والرقة والعطف والحنان وسمو الاخلاق وطهارة النفس والروح ونقاء القلب والعفوية والتسامح .
اعطى كل ما لديه بلا حدود ودون كلل أو ملل في مهنة ورسالة هي من أصعب المهن وأهم الرسالات رسالة العلم والتربية بكل ما تحمله في طياتها من المعاني التي في صلبها بناء الانسان وبناء الوطن وبناء المجتمع .
لقد غيب الموت أستاذنا ومعلمنا الحبيب الغالي الوفي "فضل الدرويش " جسداً لكنه سيبقى في قلوبنا ما بقينا على قيد هذه الحياة ولن ننساه وسيظل باعماله ومآثره وسيرته نبراساً وقدوة لنا .
نم مرتاح البال والضمير فقد أديت الامانة وقمت بدورك على أحسن وجه والرجال الصادقون أمثالك لا يموتون .
وما لي في وقفة الوداع سوى هذين البيتين :
خلفت في الدنيا بياناً خالداً وتركت أجيالاً من الأبناء
وغداً سيذكرك الزمان لم يزل للدهر انصاف وحسن جزاء ..
تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته
#جمال_المحرابي