صالح علي الدويل
لكنها الحرب وأن صمتت بنادقها!!.
يقول الشاعر الجاهلي زهير بن ابي سلمى:
وما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
متى تَبعَثـوها تَبعَثوها ذَميمَةً
وتَضـرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحـى بِثِفـالِها
وتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ.
لا يختلف اثنان ان الشعب يريد امن واستقرار ومرتبات وخدمات ويقضي على الثأرات ويريد ان يستغل ثرواته وتفتح موانئه للتجارة وتنشط اسواقه وتنخفض اسعاره وان الحال في اوساط الشعب قد بلغت مبلغا فوق الاحتمال.
لكنها الحرب ، وان صمتت بنادقها فهي تمزّق العقد الاجتماعي وتقطّع نسيج المجتمع ولم يعد يملك خياره ، فتفرض ثقافتها ومعاملاتها وآثارها وآلامها وفواجعها وغلاء اسعارها وجوعها وخوفها وفسادها ، تطرق الآمن فتخترم احب ما لديه ، تحرم المواطن من ضروراته وضرورياته ، في الحرب يفشو الفساد في المؤسسات وتتراخى الانظمة والقوانين فهيبة الشرطي ليست هي ، والقاضي يفقد الحماية فلم يعد قادرا على اصدار احكامه
وهل الامن الا قاضٍ يفصل في الحقوق ورجل امن يخافه المجرم والباغي !!؟.
في الحرب يزداد جشع التاجر ويتقرب من السلطة الافاك والفاجر وقليل الذمة ، وفي الحرب يقل وازع الخوف من السلطان بعد ان يقل الوازع بالقرآن فيطفو على سطح المجتمع كل اسوداد وقبح وقيح ظل راكدا في قاعة.
في الحرب تظهر دكاكين سياسية بل اكشاك بيع “تمبل سياسي ” او “صنادق قات سياسي” ويبرز من “يظن انه شيئا مذكورا ” ومع ذلك فهي ظاهرة حرب تضمحل وان قُرِعت لها طبول.
الحرب تمنع الاستقرار فلا تنتظم تنمية ولا يسود امن ويعلو سلوك البلطجة والكل يلوم الكل ، في الحرب لايوجد عدو شماعة ومن يقول هكذا فهو طيب !!، في الحرب الاخفاقات من الكل وعلى الكل واي مشروع معادي ليس من الماضي بل حيّ يعمل وينشط ويكيد ويترقب ويخرّب ولا يتحمّل مسؤولية تخريبه ، في الحرب لاشيء اسمه ماضٍ نتركه خلفنا ، الماضي يكون حين تضع الحرب اوزارها ويعرف كل ذي حق حقه.
ومع كل مآسي الحرب وبلاويها وظلمها وخوفها وقهرها فلا بد من نقد الفشل والفساد وتصحيح الاخطاء اينما كانت والمجاهدة بالقول والنصيحة ويتكاتف الجميع في ذلك ، فالوطن للجميع وبالجميع وعلى خيار اغلبيته فيكفي استقواء بالسلطة يتقوى بها تيار ويفرض اجنداته فذاك خيار انتج الحرب ، دون خيار الاغلبية سيظل الجميع يدور في حلقة مفرغة.
5أكتوبر 2022م