صالح شايف
مجلس القيادة بين تغيير البحسني وبقاء العرادة!
لم يعد مفهوماً ولا منطقياً بل وغير مقبول كذلك أن يقدم مجلس القيادة الرئاسي على إصدار قرار بتغيير محافظ حضرموت اللواء فرج سالمين البحسني وتعيين محافظ جديد لحضرموت هو مبخوت بن ماضي الذي أستبشر به أهلنا خيراً في حضرموت؛ والمبرر المنطقي لذلك هو وجود البحسني في أعلى هرم لسلطة الدولة؛ ومن الطبيعي بل ومن الضروري إعفاؤه لهذا السبب وحده من منصب المحافظ؛ لأن الجمع بين المنصبين يتعارض تماماً مع طبيعة الأمور في تركيبة ووظائف وصلاحيات سلطات الدولة المختلفة ومخالفاً للقوانين المنظمة لذلك.
لكن هذا الأمر لم ينسحب على وضع سلطان العرادة الذي ما زال يمارس مهامه كمحافظ لمأرب حتى الآن؛ وهو أمر يبعث على الإستغراب ويثير الكثير من التساؤلات المشروعة والمصحوبة بالقلق كذلك عن السبب أو الأسباب التي حالت دون أن يتخذ مجلس القيادة الرئاسي قراراً بإعفائه أسوة بفرج البحسني؛ وهو القرار الذي ينبغي أن يتخذ بشكل طبيعي وتلقائي بعد أن أصبح العرادة عضواً في مجلس القيادة الرئاسي وليس بالضروره أن يكون ذلك عقابا له أو لأي أسباب أخرى؛ وأن يستبدل بأخر من أبناء مأرب الكرام وما أكثر من يستحقون وبجدارة مثل هذا المنصب ممن يتمتعون بالوطنية والكفاءة والنزاهة؛ ولهم مواقف رافضة وقاوموا المليشيات الحوثية ببسالة؛ ولكن وكما هو واضح فإن الأمر ليس له علاقة بالبحث عن البديل المناسب بل بأمور أخرى غامضة وخطيرة في تقديرنا.
ومن هذا المنطلق وإتساقاً مع مسؤولية مجلس القيادة الرئاسي وتحمله للأمانة التاريخية في هذه الظروف الدقيقة والمفصلية والتي يتوقف على نجاحها مستقبل التسوية السياسية الشاملة؛ فإنه مدعو لإتخاذ مثل القرار دون إبطاء حتى يحافظ على دوره ومسؤوليته وألا يخضع للإبتزاز أو المساومات والترضيات؛ ولا حتى للتهديدات من قبل حزب الإصلاح بغية فرض إرادته والإحتفاظ بمواقع سيطرته ومصالحه غير المشروعة على حساب الدولة أكان في مأرب أو غيرها؛ وتعطيل المشروع الوطني القائم على مقاومة المليشيات وإسقاط الإنقلاب في صنعاء؛ والذي على أساسه تم التوافق على نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي وبمهام واضحة ومحددة وغير قابلة للتعديل أو الشطب من جدول مهام وصلاحيات المجلس.
بقاء الوضع في مأرب على ما هو عليه لأمر معيب بحق مجلس القيادة الرئاسي ويضعه في موقف حرج لا يليق به؛بل ويعرض دوره للإهتزاز العنيف ويضعف من مكانته وهو مازال في بداية مرحلة تتطلب منه المزيد من القرارات الحاسمة حتى يتم تجاوز هذه المرحلة الإنتقالية المؤقتة بنجاح؛ وبغير ذلك فإن الفشل هو ما ينتظره في قادم الأيام وعلى أكثر من صعيد وستزداد الأمور تعقيداً وقد تعصف به كسلطة جماعية عليا للدولة اليمنية القائمة والمعترف بها دوليا؛ وسيكون ذلك نصراً كبيراً للإنقلابيين ولحلفائهم في الداخل والخارج.
وحين ذاك سيكون للجنوبيين قرارهم الحاسم الذي طالما قبلوا بتأجيله حتى حلول التسوية السياسية الشاملة؛ ولم يعد بعد ذلك من مبررات تجعلهم يلتزمون بما كانوا قد قبلوا به بالأمس تقديراً للظروف ومتطلبات المواجهة مع الحوثة وتجسيداً لتحالف الضرورة الذي أفشله غيرهم؛ وسيكون شعبنا أيضاً على موعد مع النصر وتحقيق حلمه الوطني الذي قدم من أجله أعظم وأنبل التضحيات.