البنك المركزي هروب من الفشل بمعاقبة الصرافين الجنوبيين

البنك المركزي يهرب من فشله في الحفاظ على استقرار أسعار الصرف، بتحميل الصرافين في الجنوب مسؤولية التدهور الحاصل في قيمة الريال اليمني .

 

تعرف قيادة البنك المركزي في عدن إن الحفاظ على أسعار الصرف مسؤوليتها الأساسية من خلال توفير عملة صعبة تكفي احتياج السوق، وتنفيذ سياسية نقدية واضحة المعالم، وكذلك وظيفة الحكومة اتخاذ سياسات مالية وترشيد الإنفاق، والقضاء على بؤر الفساد.

 

ويدركون ايضاً، إن الصرافين مجرد انعكاس لسياسة البنك المركزي الوضع الاقتصادي للبلد، وفي الأخير هم تجار لا اقل ولا أكثر .

 

قيادة البنك المركزي تدرك إدراك كامل إن سبب الانهيار الكبير مؤخراً هو تحويل مليارات الريالات من العملة الإصدار الجديد في مأرب وسيئون وشبوة إلى عملة صعبة، حيث تتحدث مصادر عن وصول الريال السعودي إلى 500 في السوق السوداء في سيئون وشبوة، وان الصرافين في هذه المحافظات يطلبون عملة صعبة من عدن بأسعار كبيرة للغاية .

 

وتدرك هذه القيادة إن سبب الانهيار الكبير في الأساس هو طباعة مليارات الريالات من الطبعة الجديدة دون غطاء، في ظل وجود فساد كبير وعدم رقابة على المال العام، وقيام مسئولين وقيادات عسكرية بتحويل هذه الطبعة إلى عملة صعبة مما تسبب في حدوث انهيار كبير في المناطق التي يديرها البنك المركزي عدن .

 

ويعلمون ان صرافين كبار فروعهم الرئيسية في صنعاء وتحت إشراف الحوثي، موجودين داخل عدن وهدفهم الرئيسي استنزاف العملة الصعبة لصالح الحوثي والتجار الذين يعملون في مناطق سيطرته، ومع ذلك لم تتخذ ضدهم أي إجراءات .

 

وتفهم هذه الإدارة إنها سبب رئيسي في منح أكثر من 200 مؤسسة ومنشأة صرافة تراخيص في عدن، وكان هدفهم الرئيسي الرسوم التي يدفعها الصرافين وابتزازهم بين الفينة والأخرى وليس الحفاظ على الاستقرار النقدي .

فشل البنك المركزي منذ 2017 في إيجاد سياسة نقدية، ومحاربة الإجراءات التي اتخذها الحوثي في مناطق سيطرته، رغم المنحة السعودية والتي بلغت 2 مليار ريال، حيث تم العبث بها من قبل القائمين على البنك وبعض التجار وهناك تقرير دولي بهذا الخصوص لا يستطيع احد إنكاره أو التهرب منه مهما حاول .

 

والمؤسف إن البنك المركزي اليوم يريد تحميل الصرافين مسؤولية الفشل في إدارة البنك طوال 7 سنوات الماضية، وتتهرب من مسؤولية الفساد الكبير والموثق دولياً، بالبحث عن شماعة تعلق بها هذا الفشل والإخفاق .

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم إمام كل مراقب ومتابع لمجريات ما يحدث على الساحة، لماذا تحرك البنك المركزي بعد اقتراب الحوثيين من مأرب وتهريب أموال ضخمة من البنك المركزي مأرب إلى المحافظات الجنوبية.

لماذا هذا التحرك بعد الخراب الكبير الذي كان البنك المركزي هو المتسبب فيه .

 

لماذا يحاول اليوم  البنك المركزي الهروب من فشله بمحاربة رأس المال الجنوبي الذي بدء يتشكل في الجانب المصرفي لأول مرة منذ ما بعد استقلال الجنوب، وهو يدرك ان الصرافين الجنوبيين كانوا الجهاز المصرفي والبنك المركزي للمحافظات الجنوبية أثناء الحرب وبعد الحرب، ومازالوا حتى اليوم يقومون بدور كبير في الجانب المالي، بغض النظر عن الملاحظات الكبيرة على أدائهم والتي طالما انتقدتها على صفحتي وفي مقالات سابقة.

المشكلة انه بالتزامن مع ذلك يتم تشجيع بنوك ليس للجنوب علاقة بها لا من قريب ولا بعيد، بل هذه البنوك مسيسة وتخدم أطراف حزبية بعينها، وفشلت في صنعاء رغم الدعم الكبير المقدم لها من البنك المركزي والحكومة اليمنية قبل الحرب، مع انه كان المفروض يتم دعم البنك الأهلي الذي ثبت قبل الحرب رغم المؤامرات الكبيرة التي هدفت الى إفشاله، وبعد الحرب مارس  نشاطه في ظروف صعبة للغاية وقدم تضحيات جليلة بينها استشهاد احد كوادره وهو الشهيد " عبدالله سالم النقيب " مدير فرع عبدالعزيز.

 

على القيادة الجنوبية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، ان تدرك عواقب تصرفات البنك المركزي وأهدافه السياسية من كل الإجراءات التي اتخذها منذ 2017 وانه احد أسباب الخراب الاقتصادي الكبير، لذلك لا تسمح له المجال بالعبث بالجانب المصرفي الذي بدء يتشكل في الجنوب.

 

كان المفروض ان يتدخل الانتقالي منذ 2017 بفرض لجنة للرقابة على البنك المركزي والإشراف على كل الإجراءات التي اتخذها والتي كانت كارثية بكل المقاييس، واليوم يجب إن لا يصمت تجاه ما يتعرض له الصرافين الجنوبيين، لأن الانتقالي يدرك جيداً أهمية وجود رأس مال جنوبي في الجانب المصرفي وله تجارب معهم وقت الأزمات.

 

نحن بحاجة ماسة إلى تنظيم الصرافين الجنوبيين، وتوحيد جهودهم حتى يشكلوا جهاز مصرفي قوي يكون قادر على مواجهة التحديات، وان لا يتم السماح بتفتيت هذه المنظومة من قبل جهات فاسدة وفق تقارير دولية ووفق الواقع الذي نعيشه.

مقالات الكاتب