رسائل شبوة الأبية
بعد الفشل الذريع والمهين الذي أبداه “شرعيو” محافظة شبوة الأبية وداعموهم الهاربون من المواجهات في مأرب والجوف والبيضاء وقياداتهم المهاجرة، بتسليمهم مديريات بيحان ومناطق مجاورة من مديريات أخرى لأخيهم الحوثي، انقشعت ورقة التوت ولم يعد لدى هؤلاء ما يستر العورات التي انكشفت أمام العالم قاصيه ودانيه.
شبوة الأبية العصية على التطويع، ذات التاريخ الحضاري العريق وأبناؤها المكافحون الأباة الذين كانوا على الدوام مشاركين فاعلين في صناعة الأحداث العظيمة عبر التاريخ القديم والوسيط والحديث، شبوة تلك لن تنصاع لما يخَطَّطُ لها من مكائد وما يُدَبَّرُ ضد أهلها وأرضها وتاريخها من أفخاخ، ولذلك فقد قرأنا خلال الأسبوع الأخير مجموعة من الرسائل المهمة عميقة المدلول واضحة المعاني لكل ذي فطرة سليمة وذاكرة معافاة، قادمةً من شبوة كل شبوة أهمها:
1. سلسلة الاعتصامات السلمية التي شملت مغظم مديريات شبوة بما فيها تلك المديريات التي يهيمن عليها أنصار “خاطفي الشرعية”، وكل هذه الاعتصامات عبرت عن رفض، أبناء شبوة للصفقات التجارية التي يقيمها “الشرعيون” مع أشقائهم الحوثيين في إطار عمليات “سلِّم واستَلِم”، التي قدم فيها “الشرعيون” مديريات بيحان هديةً مجانية لأحبابهم الحوثيين دونما إطلاق رصاصة واحدة دفاعاً عن هذه المنطقة الحيوية من المحافظة والجنوب.
وبرغم تعرض العديد من الاعتصامات للهجوم “الشرعي” ومحاولة فض بعضها بقوة السلاح ما تزال تلك الاعتصامات منواصلة حتى كتابة هذا المنشور
2. ثلاثة من القادة العسكريين الكبار برتبة عميد وعقيد وقادة في مواقع مهمة من أبناء شبوة، ومن القوات الموالية للرئيس هادي أدلوا بتصريحات خطيرة تضمنت في المجمل رسائل إلى رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي تركزت في ثلاث نقاط.
أ. إن من يدير الملف العسكري والأمني هو الجناح العسكري للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وأن قادة هذا الجناح يستبعدون القادة الشجعان والمؤهلين وذوي الخبرات من أبناء شبوة ويستبدلونهم بمقربين عديمي الكفاءة وعديمي المسؤولية وغير مؤتمنين على القيام بأية مهمة مهما كانت صغيرة أو سهلة.
ب. إن سقوط مديريات بيحان وغيرها من مناطق شبوة بيد الجماعة الحوثية لم يأتِ نتيجة لضعف أبناء المحافظة ومنها تلك المديريات وعدم القدرة على المقاومة، ولكن جاء عن طريق سياسة الاستلام والتسليم التي سلم فيها إخوان اليمن الك المناطق للحوثيين ولم يكلفوا أنفسهم إطلاق رصاصةً واحدة لمنع سقوط بيحان أو أية منطقة من مناطق شبوة بيد القوات الحوثية، بل إن القيادات الإخوانية تعمدت تسهيل مهمة الحوثيين في احتلال تلك المناطق دون أي عناء يمكن ذكره.
ت. طالب جميع هؤلاء الضباط وقبلهم المشاركين في اعتصامات المدن والمديريات والنواحي طالبوا بإيقاف العبث الإخواني بمناطق الجنوب ورفع الغطاء عن هذا التنظيم ونقل ملف الحرب في شبوة إلى أبناء المحافظة وفتح المجال للنخبة الشبوانية بما عرف عن أفرادها وقيادتها من شجاعة واستبسال في مكافحة الإرهاب ومساهمتهم في تحرير شبوة من التواجد الحوثي أولا ومن الجماعات الإرهابية ثانياً.
3. بعث الزميلان النائب عوض محمد ابن الوزير والنائب ناصر محمد با جيل، وهما من واجهات شبوة المعروفة ومن المؤيدين البارزين لشرعية الرئيس هادي، برسالتين منفصلتين من خلال بيانين صادرين عنهما طالبا فيهما بإعادة النظر في قيادة السلطة المحلية في شبوة وتصحيح الوضع الإداري ونددا بما تمارسه السلطة التنفيذية في المحافظة من سياسات الاقصاء والتهميش ضد أبناء المحافظة مما تجلى في الهزائم التي تتعرض لها القوات الحكومية بسبب فساد السلطة المحلية ونهبها للمال العام، وقمع الصوت الشبواني الحرّ، وطالب البرلمانيان الشرعية والتحالف العربي بالتحقيق في أسباب سقوط مديريات بيحان الثلاث وإنتشار الفوضى والفساد الأمني والغلاء في محافظهما، داعيين لإنقاذ هذه المحافظة النفطية من جور ما تمر به من بطش وغلاء وإرهاب من قبل القوات التابعة لسلطة المحافظة.
وبغض النظر عن كل المآخذ على مجلس النواب اليمني ذي الـ18 عاماً، وما يتصف به من عيوب لا تحصى إلا إن الرسالتين تعبران عن تحول مهم في موقف أبناء شبوة تجاه ما تتعرض له محافظتهم من أفخاخ ومكائد ومخططات تستهدف تثبيت الهيمنة (الإخوانية-الحوثية) عليها.
تلك الرسائل القادمة من محافظة شبوة البطلة وأبنائها الأبرار لم تأت من فراغ بل إنها تمثل تلخيصا لحالة عامة تتفاعل في المجتمع الشبواني قد تكشف الأيام القادمة عما يعتمل داخل الوعي الوطني لأبناء شبوة من استنهاض للطاقات ومن غير المستبعد أن يتكثف في انتفاضة أبناء شبوة ضد الذين يستهدفون تحويلها من جديد إلى غنيمة حرب يتقاسمها قطعان الغزاة القادمين تحت مظلة الشرعية وهم لا شرعية لهم إلا شرعية النهب والسلب والعبث والقمع والإرهاب.
شبوة لن تسكت عما يحاك ضدها وأبناء شبوة المعروفون بشجاعتهم وأنفتهم وحريتهم واعتزازهم بأنفسهم وبتاريخهم وهويتهم الجنوبية لن يكونوا أبداً جسر عبور لمشاريع الهيمنة والاستباحة والاحتلال مهما كانت الأغطية التي يتستر بها والأقنعة التي يرتديها.