رؤية المملكة 2030.. ملحمة مستقبلية عالمية
عبدالعزيز صالح جابر
قبل نحو تسع سنوات أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مج...
اتابع باهتمام سير المعارك على تخوم مدينة مأرب ، والتي عادة ما يطلقون عليها المحافظة الغنية بالنفط وكأنها حقل ( الغوّار) في السعودية .
اتابع هذه المعارك التي مضى عليها ١٥ شهراً وكلفت انصار الله خسائر فادحة في الارواح والجراح . هذه المعارك تشتد وتزداد ضراوتها ، ولا تتوفر فرصة لوقف هذه التوحشات والتي تستخدم فيها كل الاسلحة الفتاكة الاّ سلاح العقل والحكمة .
هذه الحرب ومنذ اندلاعها في اليمن ليست عصية على وقفها اذا توفرت النيات الحسنة والوساطات الصادقة والحوارات والمشاورات المباشرة والغير متربصة .
وعن المملكة العربية السعودية فهي اليوم شُغلت في هذه الحرب في خضم مشاريع عظيمة للتحول من تصدير النفط الى تصنيعه كبتروكيماويات ، والتحول الى اعتناق الاتمتة الذكية والخدمات وما تشكله السياحة من مورد عظيمٌ متنامي ومستدام .
وعن السياحة ومحركها هي الخدمات فهي اليوم تشكل في فرنسا الصناعة الثانية وهي صناعة بدون مداخن ، وتستقبل فرنسا سنويا ٨٩ مليون سائح سنويًا وليس معها ما تفخر به سوى متحف وبرج حديدي فولاذي صدء .
وعن اقتصاد الخدمات فالمملكة حباها الله من الخيرات الكثير ، ومنها انها بلاد الحرمين الشريفين وهي اليوم تنفق بسخاء وتتوسع في في خدمة الحجيج والمعتمرين ، ويمكن لها ان تستقبل حسب توقعات بعض المختصين الى ما يصل الى ٤٥ خمسة واربعين مليون معتمر وحاج سنوياً . ولان العمرة متواصلة طوال العام فان التركيز يجب ان يكون على العمرة لانها لا تحدد بأيام معدودة بل تستمر طوال العام ودون مواقيت وتواقيت .
والحقيقة ان الحرب اشغلت السعودية بل وارهقتها واستنزفتها وبددت غزير اموالها ، ورغم ثراء المملكة فان الحروب محرقة للمال ومربكة للحياة ، وهناك من ينصح ان تسلم دول التحالف ( مأرب) دون تدميرها وستكون هذه بادرة وموقف يعبر عن حسن نية لتدشين سلام الشجعان .
وعن شروط المملكة في وقف اطلاق النار والسماح برحلات محددة عبر مطار صنعاء الدولي وتحديدها بوجهات وعدد الرحلات ، فهذا ليس منطقيا مهما كانت المحاذير والمخاوف ، على ان الكثير ينتقدون دور مجلس الامن ، والدول الكبرى وفي انها عجزت او تعمدت عجزها في ايقاف هذه الحرب الشرسة ،
لهذا فعلى المملكة ان تتنبه لنفسها وان تسعى الى فرصة سلام حتى لا تستنزف وتشغل حيث ان من تحاربهم المملكة هم كالغرقى الذين لا يهمهم البلل .
وعن السلام ووقف اطلاق النار فهو ليس اللغز الذي يصعب حلّه ! بل ان الحل والربط ، والقرار بيد المملكة التي تصلبت وتشددت عند امور لا تشكل تهديداً ومنها فتح مطار صنعاء للرحلات الجوية وميناء الحديدة لنقل الوقود والغذاء .
وعن اغلاق مطار صنعاء فهناك من اخبرني ان الخسائر في الارواح من جراء اغلاق مطار صنعاء يعادل الخسائر في ارواح اليمنيين في الحرب ، فكما تعرفون فهناك ندرة في المستشفيات العاملة بل وندرة في الاطباء والدواء وحروب السبع السنوات العجاف اتعبت واوغلت واذنبت وتوحشت ، والعجيب ان الدول الكبرى ومجلس الامن يكررون دعواتهم لانهاء الحرب ، ويبعثون مناديبهم لتجربة مهاراتهم وفهلواتهم في ايجاد الحلول لنا بينما الحل هو الذي نقترحه ونقبل به نحن وليس ما يبتكره الاخرون .
وخلاصة القول ان مطار صنعاء لن يستقبل اسلحة الدمار الشامل او سلاح الصواريخ العابرة للقارات وكل هذا الخوف لا يبرر في استمرار هذا النزيف والخسائر والقلق الشديد . والحقيقة ان ما يقلق الدول الكبرى لا يمكن ان نصدقه ، فما نراه هو دموع التماسيح التي تنتظر بكل شوق فرائسها .
ومرة اخرى ليس هناك شروط لمن يرغب في السلام فليس السلام اتفاقية استسلام ، بل تدشين لحالة من الطمأنينة والوئام ، وابتكار طرق لتضميد الجراح والتحول من العداوة الى المصالحة وترسيخ الثقة واعمال الحكمة وهي التي اضاعها العرب منذ معركة داحس والغبراء .