د عيدروس نصر النقيب
شهر الخير والبركات
هاهو الشهر الكريم يهل علينا بروحانياته المميزة وطقوسه الجميلة المنغرسة عميقا في وجدان كل مسلمٍ، وبكل ما يرافق أيامه الجميلة التي تمر على عجل وكأنها سويعات، بما تنطوي عليه من مشاعر الحب والألفة والتقوى والورع والزهد والتطلع إلى عطاءات الخالق العظيم ومغفرته ورضوانه ورحمته التي وسعت كل شيء.
لن أتوقف عند تصاعد هوس الاستهلاك وتنامي جشع البعض الذي حول شهر الزهد والصوم والعفاف إلى شهرٍ لحشو الأمعاء والاضطجاع للنوم نهاراً والسهر ليلاً أمام شاشات التلفزة فقد قيل الكثير والكثير عن هذا من قبل الأطباء والمتخصصين والدعاة ورجال الدين، . . .أقول لن أتوقف عند هذا ليقيني أن الغالبية العظمى من قومي لم يعد لديها ما يكفي لتناول الوجبات العادية في أي يوم عادي من السنة بعد أن انهارت الحياة المعيشية وتخلى الحكام عما يفترض أنه مسؤوليتهم تجاه مواطنيهم وبعد أن صار راتب الأستاذ الجامعي لا يكفي لشراء كيس من القمح المطحون وقنينة زيت ورطل من الشوربة وكليوغرام من كل ممن الطماط والبصل، ومن يحوز على كل هذه الحاجيات يعتبر بطلاً محظوظاً.
ليس بوسعي في هذه اللحظات التي تختلط فيها مشاعر الإيمان بالإحساس بالحسرة واليأس إلا أن أدعو الله أن يفرج الغمة عن أهلنا وكل المسلمين وأن يجعل الشهر الكريم مناسبة لاستذكار ما تعلمناه من أجدادنا الأوائل بأن الخير لا يعد خيرا ما لم يعم كل المحتاجين، أو كما قال رسولنا الكريم ” ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع” و”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
لا أقول هذا دفاعاً عمن يفترض أنهم أولياء أمور هذا الشعب الذين يرفلون في الترف والبذخ والعبث بما لذ وطاب بينما يموت نصف شعبِهِم (إن كان ما يزال شعبَهُم) جوعاً وعطشاً وسقماً، لكنني أقول هذا تذكيراً لهم ولسواهم أنه “ما افتقر قومٌ إلا بما اغتنى به قومٌ آخرون”، كما قال الإمام علي ابن أبي طالب عليه رحمة الله ورضوانه.
أسأل الله أن يكون شهر الصوم الكريم شهر خيرٍ وبركةٍ وصحةٍ وعافيةٍ لكم جميعاً وشهر أمنٍ وسلامٍ واستقرارٍ وانطلاقٍ نحو المستقبل الآمن المزدهر لنا ولكم ولكل شعبنا وشعوب العالم المؤمن.
شهر مبارك أيها الأحبة الكرام
واستغفر الله عن كل سيئة صدرت عني بدون وعي أو قصدٍ،
إنه هو الغفور الرحيم
والحمد لله رب العالمين